ومنها: ما هو كذب بلا ريب، مثل القبر المضاف إلى أبي بن كعب الذي شرقيَّ دمشقَ، فإن الناس متفقون على أن أبي بن كعب مات بالمدينة النبوية، وكذلك أمهاتُ المؤمنين كلُّهنّ تُوُفِّيْنَ بالمدينة، فمن قال: إنَّ بظاهرِ دمشق قبرَ أم حبيبة أو أم سلمة أو غيرهما فقد كذبَ. ولكن من الصحابيات بالشام امرأةٌ يُقال لها أم سلمة أسماء بنت يزيد بن السكن، فهذه توفيتْ بالشام، فهذه قبرُها محتملٌ. كما أن قبرَ بلال ممكنٌ فإنه دُفِنَ بباب الصغير بدمشق، فنعلم أنه دُفنَ هناك، وأما القطع بتعيُّنِ قبرِه ففيه نظر، فإنه يقال: إنّ تلك القبورَ حَدَثَتْ.
وكذلك القَبرُ المضافُ إلى أُويس القرني غربيَّ دمشقَ كَذِبٌ بلا
ريب، وقد روى أبو عبد الرحمن السُّلَمي حكايةً فيها أنه تُوفي بدمشق، وهي باطلة قطعا، فإن أويسًا لم يجِيءْ إلى الشام وإنما ذهبَ إلى العراق.
وكذلك القبر المضاف إلى هُوْدٍ بجامع دمشق كذبٌ باتفاق أهل العلم، فإن هودًا لم يَجِئْ إلى الشامِ، بل بُعِث باليمن وهاجرَ إلى مكة، فقيل: إنه ماتَ باليمن، وقيل: إنه مات بمكة، وإنما ذلك تلقاءَ قبرِ معاوية بن أبي سفيان، فإن خلفَ الحائطِ تابوت مكتوبٌ فيه اسمُ معاويةَ بن أبي سفيان.
وأما الذي خارجَ باب الصغير الذي يُقالُ: إنه قبرُ معاوية، فإنما هو معاوية بن يزيدَ بن معاوية الذي تولى الخلافة مدةً قصيرةً ثم مات، ولم يَعهَد إلى أحد، وكان فيه دين وصلاح، ولكن لما اشتهر أنه قبر معاوية ظنّ الناسُ أنه معاوية بن أبي سفيان.