للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلٌّ من الرجاء والخوف لا يجوز تعليقُه إلا بالله.

وقد تقدمت آيات الخوف.

وكذلك آياتُ الرجاء، مثل قوله: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ} [العنكبوت: ١٧]؛ فإن ابتغاء الرزق هو من الرجاء.

وكذلك قوله: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥]؛ فإن المستعين راجٍ.

وكذلك قوله تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} [هود: ١٢٣]، {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: ٢٣]، {وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: ١٢٢]؛ فإن التوكُّل رجاءٌ وزيادة.

وقال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [فاطر: ٢].

وكذلك [ما وَرَد] (١) من أنه لا يُدْعى إلا الله، ولا يُستعان إلا به.

وبينهما (٢) فرقٌ من وجهٍ آخر (٣)، كما قال عليٌّ عليه السلام: "لا يرجونَّ عبد إلا ربَّه، ولا يخافنَّ عبد إلا ذنبه" (٤).


(١) زيادة تقديرية يقتضيها السياق.
(٢) الرجاء والخوف. وفي الأصل: "بينهما". والمثبت أولى.
(٣) انظر: "طريق الهجرتين" (٦١٩ - ٦٢٠).
(٤) أخرجه معمر في "الجامع" (٢١٠٣١ - المصنف لعبد الرزاق)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٥٦٤٥)، وغيرهما في سياقٍ طويل من طرقٍ كثيرة خيرها طريقا أبي إسحاق وعكرمة عن علي - رضي الله عنه -، ولم يدركاه.
ولشيخ الإسلام جوابٌ مبسوط في شرحه، ذكره ابن عبد الهادي في "العقود الدرية"
(١٠٧)، وهو في "مجموع الفتاوى" (٨/ ١٦١ - ١٨٠).