للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

قال الله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (١١٠)) (١). قال بعض السلف: هم خير أمة إذا قاموا بهذا الشرط، فمن لم يقم بهذا الشرط فليس من خير أمة.

قال: واتفق أئمة الدين على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمرٌ واجبٌ على الناس، لكنه فرضٌ على الكفاية كالجهاد وتعلُّم العلم ونحو ذلك، فإذا قام به من يُستكفَى به سقطَ عن الناس، وكان الأجر والدرجة لمن قام به. ومن كان عاجزًا عمّا أمر الله به من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأَرَاد أن يقوم به وجبَ على غيره أن يعاونَه، حتى يحصل المقصود الذي أمر الله به ورسولُه، كما قال تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (٢).

فكلُّ رسولٍ أرسلَه الله وكلُّ كتابٍ أنزلَه الله يتضمن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. والمعروف اسمَ جامع لكل ما يحبُّه الله ويرضاه، والمنكر اسم جامع لكل ما يكرهه ويَسخَطُه. وتَركُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لعقوبة الدنيا قبل الآخرة، فلا يَظُن الظانُ أنها تُصيبُ الظالمَ الفاعلَ للمعصية دونَه مع سكوتِه عن الأمر والنهي، بل تعمُّ الجميعَ.


(١) سورة آل عمران: ١١٠.
(٢) سورة المائدة: ٢.