للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونحو ذلك متعة الحج، فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه نهى عنها، وكان ابنُه عبد الله وغيرُه يقولون: لم يُحرِّمها، وإنما قَصَد أن يأمر الناس بالأفضل، وهو أن يعتمر أحدهم من دُوَيرةِ أهلِه في غيرِ أشهر الحج، فإن هذه العمرة أفضل من عمرةِ المتمتع والقارن باتفاق الأئمة. حتى أن مذهب أبي حنيفة وأحمد المنصوص عنه: أنه إذا اعتمر في غير أشهر الحج، وأفرد الحج في أشهره فهذا أفضل من مجرد التمتع والقران، مع قولهما بأنه أفضل من الإفراد المجرد.

ومن الناس من قال: إن عمر أراد فسخ الحج إلى العمرة، وقالوا: إنّ هذا يحرم ولا يجوز، وإنّ ما أمر به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه من الفسخ [كان] خاصًّا لهم. وهذا قول كثير من الفقهاء، كأبي حنيفة ومالك والشافعي. وآخرون من السلف والخلف قالوا: بل الفسخ واجب، ولا يجوز أن يَحُجَّ أحدٌ إلاّ متمتعًا مبتدئًا أو فاسخًا، كما أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أصحابه في حجة الوداع. وهذا قول كثير من السلف والخلف، كأحمد بن حنبل وغيرِه من فقهاء الحديث.

وعمر لمّا نهى عن المتعة خالفَه غيرُه من الصحابة، كعمران بن الحصين وعلي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وغيرهم، بخلاف نهيه عن متعةِ النساء، فإن عليًّا وسائر الصحابة وافقوه على ذلك، وأنكر علي بن أبي طالب على ابن عباسٍ إبَاحةَ متعةِ النساء، فقال له: إنك امرؤٌ تائهٌ، إنّ رسولَ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حرَّم المتعة وحرَّم لحوم الحمر الأهلية عامَ خيبر. فأنكر عليٌّ على ابن عباس إباحةَ لحوم الحمر وإباحةَ متعةِ النساء.

فقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن الناس قد استعجلوا في أمرٍ كانت لهم فيه أناة، فلو أنفذناه عليهم، فأنفذه عليهم، وهو بيان