للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥].

فهذا البلاء العظيم (١) تضمَّن بلواهم بالضرَّاء أولًا، وبالسرَّاء ثانيًا، وذلك يستوجبُ الصبر والشُّكر، كما قال: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ}.

وقد قال سليمان: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} الآية [النمل: ٤٠]، هذا بعد أن ذكر قوله: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} الآية [النمل: ١٩]، فلما رأى عرشَ بلقيس مستقرًّا عنده قال: {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} الآية.

وقال تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ} [الفجر: ١٥ - ١٦]، فأخبر أن ذلك ليس إكرامًا ولا إهانة، وإنما ابتلاه ليَعْلَم المؤمنَ الصبورَ والشَّكورَ من غيره.

كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: ٣١]، وقال تعالى: {الَّذِي (٢) خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: ٢].

وذكر تعالى قول موسى: {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ


(١) المذكور في الآية (٦) من سورة إبراهيم.
(٢) الأصل: "هو الذي". وضبب الناسخ على "هو"، إذ ليست في الآية.