للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتابعين: "هؤلاء كانوا قومًا صالحين في قوم نوح، فلمَّا ماتوا عَكَفُوا على قبورهم، ثم لما طال عليهم الأمد صَوَّروا صورهم، فكان ذلك مبدأ عبادة الأوثان".

ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما رواه مالك في الموطأ (١): "اللهمَّ لا تجعل قبري وثنًا يُعْبَد". وفي السنن (٢) عنه أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيدًا".

فالسفر للتعريف ببعض المشاهد حرام، فيكون بمنزلة لحم الخنزير، وأما السفر للتعريف ببيت المقدس مثلاً، والسفر لزيارة بعض القبور أو البقاع غير المساجد الثلاثة فهو أيضًا مَنْهِيّ عنه، وإن كان وجد في ذلك من عمد إلى هذه البدع التي فيها من الشرك ما فيها، وتعبد بها وأقامَ بها، وقصد ما يقصده من البقاع لأجلها، وترك أن يقصد من البقعة أو ما هو قريب منها لأجل الرباط في سبيل الله الذي هو من أفضل الأعمال بالكتاب والسنة وإجماع المسلمين، أليس هو ممن استبدل السيئات بالحسنات؟

الوجه الثاني: أنه لو قدر أنه قَصَدَ بعض هذه البقاع قصدًا مشروعًا مثل السفر إلى بيت المقدس على الوجه المشروع للصلاة فيه والاعتكاف فيه، فإن هذا عمل صالح باتفاق المسلمين، وإن كان قد دخل فيه بدع كثيرة، مثل البدع التي تفعل هنا من السماع


(١) ١/ ١٧٢ عن عطاء بن يسار مرسلاً.
(٢) أبو داود (٢٠٤٢) عن أبي هريرة.