عَظِيمٌ} [النور: ١٦]، وقوله:{لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ}[النور: ١٢]. وقد كان من المؤمنين من قال لما سمعه: ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا، سبحانك هذا بهتان عظيم. وكثير منهم أو أكثرهم ظنَّ بعائشة خيرًا، مثل أسامة بن زيد وجاريتها وغيرهما ممن زكَّاها وبرَّأها. فعُلِم أن التحضيض لا يستلزم النفي العام.
فلهذا كان قوله:{فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ}[هود: ١١٦] التحضيض فيه عام لم يُستثنَ منه أحد، فلم يكن الاستثناء متصلًا، ولكن الاستثناء وقعَ من ترك المحضوض عليه ولوازم الترك، من الذم والتوبيخ، وهذا الترك قد كان في أكثر المحضوضين، وقد صار يُفهم منه أن هذه الصيغة لم تُستعمل إلا إذا حصل تركٌ من جميع المحضوضين أو من بعضهم. فإذا فرَّ الجيشُ مثلًا قيل: هلَّا ثَبتُّم؟! وإذا فرَّ الأكثر قيل: يستحقون العقوبة إلَّا فلانًا، ولا يقال: هلَّا ثبتُّم إلَّا فلان؟! فإنه تحضيض على الثبات إلَّا لفلانٍ، وهذا ليس بمرادٍ، بل هو مستثنًى من الترك وسلبِ الفعل والذمّ والعقاب، لا من شمولِ الطلبِ والحضِّ له. والله أعلم.
ثم يقال: هو مستثنًى من القدر المشترك بين أنواع الحضّ والأمر، حضٌّ وأمرٌ لمن فعلَ ولمن ترك. وقد يقال مستثنى مما هو أخصُّ من الحضِّ، وهو الترك والذمّ، وكلا الأمرين واحدٌ. والله أعلم.
ومثل هذا قوله:{وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ}[هود: ٨١]