للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولئن استعاذ بي لأعِيذنَّه. وما تَردّدتُ عن شيء أنا فاعلُه تردُّدي عن قبضِ نفسِ عبدي المؤمن، يكره الموتَ وأكره مَساءتَه، ولا بدّ له منه". وهذا مبسوط في مواضع (١).

والمقصود هنا أنه كلَّما كان الإنسان أقربَ إلى الصراط المستقيم الذي بعث الله به رسولَه كان أقربَ إلى أن يكون من عباد الله الذين ليس للشيطان عليهم سلطان، وكلَّما كان أبعدَ عن ذلك كان أقربَ إلى الشياطين. فهؤلاء الذين يحملهم في الهواء: منهم من يحمله إلى بلاد الكفر، ويدخلون مع الكفار في دينهم، وهم منافقون وإن كانوا في ديار الإسلام يُظهِرون الإسلام. ومنهم من يُحمَل من بعض بلاد الكفار إلى بعض، ومن ذلك ما يكون بسحر، ومنه مالا يَعرِفُ صاحبُه السحرَ، لكن يكون مشركًا أو منافقا يَتعبُّد تعبد المشركين والمنافقين.

والذين يُحْمَلون إلى مكة: منهم من لا يدخل المسجد الحرام ولا يصلي فيه، ولا يصلي في الطريقِ ولا في بلدِه، والمدة في وصولهم إلى مكة تختلف، منهم من يَصِل في بعض نهار من مثل مصر والشام والجزيرة والعراق، ومنهم من يَصِل في يوم أو يومين أو أكثر من ذلك.

وقد حدثني بعض هؤلاء المحمولين أنه كان له رُفْقَة سماهم، وأنهم لم يدخلوا المسجد الحرام، ولا طافوا ولا صلَّوا، لا فيه ولا في الطريق. ومن هؤلاء من يتمثل له شخص ويقول: أنا الخضر، أو يُسمي غيرَ الخضر من الأنبياء والصالحين، ويقول: أنا أذهب بك إلى مكة أو بيت المقدس أو غيرهما، وقد يُكاشِفُه ببعض الأشياء، وقد


(١) انظر "مجموع الفتاوى" (١١/ ٦١ - ٦٤، ٧٥ - ٧٧، ١٥٩ - ١٦٢، ١٨٦ - ١٩٠، ١٩٤ - ٢١٨، ٢٢١ - ٢٢٣؛ ١٧/ ١٣٣ - ١٣٤، ٣٩٠ - ٣٩٤).