للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لانعكاس الوجود المطلق محلاًّ لتمييز صفاته القديمة، فظهر الحق فيه بصورة وصفة واصفًا يصف نفسَه ويُحيط به، فالأول هو الموصوف والثاني هو الواصف؛ والأول هو المسمَّى باسم الله، والثاني هو المسمَّى باسم الرحمن. فلهذه الحقيقة طرفان: طرفٌ إلى الحق المواجه إليها الذي ظهر فيه الوجود الأعلى واصفًا، وطرف إلى ظهور العالم منه، وهو المسمَّى بالروح الإضافي".

ومضمونُ هذا الكلام أنّ الله لما أرادَ أن تتجلَّى الحقائق الثابتة في علمِه كما كانت متجلية له نزلَ من الذات إلى الفعل فقال: "أنا"، وظهرتْ حينئذ حقيقةُ النبوة، وهي صورة علم الحق بنفسه، فظهر فيها الوجود المطلق الذي كان في علم الله بطريق الانعكاس، كما ينعكس شعاعُ أحد المرآتينِ إلى الأخرى، وصارتْ محلاًّ لتمييز صفاته القديمة، فصار الحقُّ واصفًا موصوفًا، واصفًا باعتبار ظهورِ علمِه المطابق له وموصوفًا، وجعل الموصوف هو الله والواصف هو الرحمن، وجعل لهذه الحقيقة التي سماها عقدة "حقيقة النبوة" طرفًا إلى الحق لكونها عالمةً به، وطرفا إلى ظهور العالم فيه وهو المسمَّى بالروح الإضافي.

وهذا كلُّه عندهم في نفس الرب، وهذا كلُّه عنده قديم أزلي كما قال في آخر كلامه، فيكون المصطفى محمد نبيًا في الأزل والأبد وسطًا بين الله وعبادِه.

وأنا أعلم أن هذا الذي يصفونه ليس له حقيقة في الخارج، وإنما هو شيء تخيَّلوه، ولهذا يصعبُ تصوُّرُه، لأن الخيالات