للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلَّم أصحابَه أن يقولوا إذا زاروا القبور (١): "سلامٌ عليكم أهلَ دارِ قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منكًم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهمَّ اْجُرْهم ولا تَفْتِنّا بعدهم، واغفر لنا ولهم".

هذا مع أنّ في البقيع إبراهيم وبناته أم كلثوم ورقيَّة وسيدة نساءِ العالمين فاطمة، وكانت إحداهن دُفِنَتْ فيه قديمًا قريبًا من غزوة بدر، ومع ذلك فلم يُحدِثْ على أولئك السادة شيئًا من هذه المنكرات، بل المشروع التحيةُ لهم والدعاء بالاستغفار وغيره.

وكذلك في حقّه أمر بالصلاة والسلام عليه من القرب والبعد، وقال: "أكثِروا عليَّ من الصلاة يوم الجمعة وليلةَ الجمعة، فإن صلاتكم معروضة عليَّ". قالوا: كيف تُعرَض صلاتُنا عليك وقد أَرِمْتَ؟ يعني بَلِيْتَ، قال: "إنّ الله حرَّم على الأرض أن تأكلَ أجسادَ الأنبياء" (٢).

وقال: "ما من رجلٍ يمرُّ بقبر الرجل كان يَعرفُه في الدنيا فيُسلَّم عليه إلا ردَّ الله عليه روحَه حتى يَرُدَّ عليه السلامَ" (٣).

وكلُّ هذه الأحاديث ثابتة عند أهل المعرفة بحديث النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -،


(١) أخرجه مسلم (٩٧٥) عن بريدة.
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ٨) والدارمي (١٥٨٠) وأبو داود (١٠٤٧، ١٥٣١) والنسائي (٣/ ٩١) وابن ماجه (١٠٨٥، ١٦٣٦) عن أوس بن أوس. وصححه الألباني في تعليقه على "فضل الصلاة على النبي" (٢٢).
(٣) أخرجه ابن عبد البر في "الاستذكار" (١/ ٢٣٤) من حديث ابن عباس، وصححه عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الشرعية الصغرى" (١/ ٣٤٥)، ونقل ذلك العراقي في "تخريج الإحياء" (٤/ ٤٩١) والمناوي في "فيض القدير" (٥/ ٤٨٧).