للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجميع رسله، وإلا لم يكن العبد مسلمًا له، ولا مسلمًا وجهه لى، إذا امتنع عن الإيمان بشيء من كتبه ورسله، وهذا هو الإسلام العام الذي دخل فيه جميع الأنبياء والمرسلين، وأممهم المتبعين غير المبدِّلين.

ثم إن الإسلام في كل ملة قد يكون بنوع من الشرع والمناهج والوجه والمناسك، فلما بعث الله محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وختمَ به الرسلَ كان الإسلام لله لا يتمُّ إلا بالدخول فيما جاء به من الشرع والمناهج والمناسك، وهو الإسلام الخالص، ولهذا قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بنيَ الإسلامُ على خمسٍ" الحديث (١).

فإن الإسلام الذي في القلب لا يتمُّ إلا بعمل الجوارح، فكُنَّ مَبَانِيَ له ينبني عليها، فالمباني الظاهرة تَحمِلُ الإسلامَ الذي في القلب كما يحمل الجسدُ الروحَ، وكما تَحمِلُ العُمُدُ السقفَ، والقبةَ الأركانُ، فالإسلام الذي هو دين الله بنيَ بمبعثِ محمد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على هذه الأركان، وإن كان بُني بمبعثِ غيره على أركان أخرى، إذ الإسلام الخاص المستلزم للإسلام العام الذي بعث به محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بُني على هذه الخمسة. وقد تنازع أصحابنا هل يُسمَّى ما سوى ديننا هذا إسلامًا، والنزاع لفظي.

كما أخبر عن حقيقة الإسلام بقوله: (وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٣٥) قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ


(١) أخرجه البخاري (٨) ومسلم (١٦) من حديث ابن عمر.