للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكرٌ (١) إلا في فعلٍ من أفعالها، وليس فيها فعلٌ خالٍ من ذكرٍ إلاّ جلسة الاستراحة حيث تُفعل، فإنها فعلٌ لا ذِكرَ فيه لقِصَرِه، ومثل تكبيراتِ الانتقال، فإنها ليست في فعلٍ مستقرّ.

وقد تنازعوا في الجهر والمخافتة في الصلوات هل هما واجبانِ تَبطُل الصلاةُ بتعمُّدِ مخالفتهما أم هما سنة؟ وفي ذلك خلافٌ مشهورٌ في مذهب مالك وأحمد وغيرهما، والمشهور أنهما سنة، وكذلك دعاء الاستفتاح سنة. ومن السنن الراتبة المتفقِ عليها: المخافتةُ بالذكر والدعاء في الركوع والسجود، والاعتدال فيهما وفي التشهدين، ومخافتة المأموم بقراءته ودعائه، وأما المنفرد فقد تنازعوا هل الأفضل له المخافتة بالقراءة أو الجهر بها؟ والاستعاذة السنةُ المخافتة بها عند الجمهور، وقيل: يتعوَّذ بين المخافتة والجهر. والبسملة عند الذين يقرؤونها -وهم الجمهور- سنتها الراتبة المخافتة، وقيل: الجهر، وقيل: يُخيَّر بين الأمرين. وكذلك التأمين سنتُه الجهرُ به عند أحمد والشافعي، وأصحّ قوليه للإمام والمأموم، وقيل: المخافتة به لهما، وقيل: يخافت به المأموم دون الإمام تبعًا لقراءته.

والدليل على أن سنة الاستفتاح المخافتة ما في الصحيحين (٢) عن أبي هريرة قال: قلتُ: يا رسول الله، أرأيتَ سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال: "أقول: اللهم بَاعِدْ بيني وبين خطاياي كما باعدتَ بين المشرق والمغرب ... " إلى آخره، وظاهره أنه لم يكن


(١) من هنا تبدأ القطعة الموجودة من الأصل.
(٢) البخاري (٧٤٤) ومسلم (٥٩٨).