للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القياسُ، فإذا فَسَدَ فَاسْتَحْسِنْ" (١). فأمر بمخالفة القياس إذا تغير الأمرُ بحصولِ مفاسِدَ تَمنعُ القياس./

وأحمد قال بالاستحسان لأجْلِ الفارقِ بين صورة الاستحسان وغيرها، وهذا من باب تخصيصِ العلَّةِ للفارقِ المُؤثر، وهذا حق. وأنكرَ الاستحسان إذا خُصتِ العلةُ من غيرِ فارقٍ مؤثّرٍ، ولذا قال: "يَدَعُون القياسَ الذي هو حن عندهم للاستحسان "، وهذا أيضًا هو الاستحسان الذي أنكره الشافعي وغيره، وهو مُنكَرٌ كما أنكروه. فإن هذا الاستحسان وما عُدِل عنه من القياس المخالف له يقتضي فرقاً وجمعاً بين الصورتين بلا دليلٍ شرعي، بل بالرأي الذي لا يَستنِدُ إلى بيان الله ورسوله وأمرِ الله ورسوله، فهو ليس له وضعُ الشرع أبداً، وقد قال تعالى: (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (٢).

وذلك أنه إذا كان القياس لم ينص الشارعُ على علّتِه، ولا دل


(١) قول إياس هذا في أخبار القضاة لوكيع ١/ ٣٤١ والعدّة لأبي يعلى ٥/ ١٦٠٦ والتمهيد للكلوذاني ٤/ ٩١. ونقحه في هذه المصادر: "قيسوا للقضاء ما صلح الناس، فإذا فسدوا فاستحسنوا". واياس يُضرب به المثل في الذكاء والفطنة، كان قاضيا على البصرة. توفى سنة ٠١٢٢ انظر ترجمته في أنساب الأشراف للبلاذري ١١/ ٣٣٧ - ٣٥١. وهو الذي عناه أبو تمام عندما قال:
إقدامُ عمرٍ وفي سماحةِ حاتمٍ في حِلْمِ أَحْنَفَ في ذَكَاءِ اياسِ
(٢) سورة الشورى: ٢١.