للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو ضرٌّ (١)، كما قال سبحانه: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} [البقرة: ٢٨٦]؛ فبيَّن سبحانه أن كسبَ النفس لها وعليها، والناس يقولون: "فلانٌ كَسَبَ مالًا أو حمدًا أو شرفًا"؛ لِمَا (٢) أنه يَنْتَفِعُ بذلك.

ولمَّا كان العباد يَكْمُلون بأفعالهم، ويَصْلُحون بها؛ إذ كانوا في أول الخلق خُلِقوا ناقصين = صحَّ إثباتُ الكسب لهم (٣)؛ إذ كمالُهم وصلاحُهم عن أفعالهم، والله سبحانه وتعالى فِعْلُه وصُنْعُه عن كماله وجلاله، فأفعالُه عن أسمائه وصفاته، ومشتقَّةٌ منها، كما قال: "أنا الرحمن، خلقتُ الرَّحِم، وشققتُ لها من اسمي" (٤). والعبد أسماؤه وصفاته عن أفعاله، فيَحْدُث [له] اسمُ "العالم" "الكامل" بعد حدوث العلم والكمال [فيه].

ومن هنا ضلَّت القدريَّة؛ حيث شبَّهوا أفعاله ــ سبحانه وتعالى عما يقولون علوًّا كبيرًا ــ بأفعال العباد، وكانوا هم المشبِّهة في الأفعال؛ فاعتقدوا أن ما حَسُنَ منهم حَسُنَ منه مطلقًا، وما قَبُحَ منهم قَبُحَ منه مطلقًا، بقدر عقلهم وعلمهم.


(١) الأصل: "الذي منه على فاعليه من نفع أو ضر". وفي (ف): "الذي يعود على فاعله بنفع أو ضر". ولعل المثبت أدنى إلى الصواب. وانظر نحو هذا التركيب في "مجموع الفتاوى" (٨/ ٨٩).
(٢) (ف): "كما". تحريف.
(٣) (ف): "إثبات السبب". تحريف.
(٤) أخرجه أحمد (١٦٨٦)، وأبو داود (١٦٩٤)، والترمذي (١٩٠٧)، وغيرهم من حديث عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: "حديث صحيح".