للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روا ربهم في الدار الآخرة، وهذا أكمل طرق العلم.

وأيضًا فالملائكة تعلم من أحوال أنفسها وما وُكِّلتْ من أمر الجنة والنار وغير ذلك ما هو من الأمور المخبر بها مما هو من تأويله كذلك، فصار علم تأويله حاصلاً لبعض الأصناف وفي بعض الأزمنة ....... (١) لا يعلم به، وهذا يقوي أن للمخلوق شيئًا من علم تأويله في الجملة، وإن عُدِم علم بعضهم أو العلم في بعض الأوقات فلا ينفيه مطلقًا.

وأيضًا فإن الله ذمَّ متَّبعي المتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله، فالذم حصل بهذين الوصفين، ولو كان علم التأويل مما قد أيس منه الخلق كلهم لكان طالبه مذمومًا وإن لم يبتغ الفتنة، وكان في قلبه زيغٌ أو لم يكن. والذم إذًا وقع على من يتبعه يبتغي هذا ويبتغي هذا، ولا ريب أن هذا مذمومٌ، وذمه في ابتغاء تأويله لكونه متعذرًا من غير جهة الراسخين في العلم، وقد لا يجد الراسخين أو لا يكون منهم فلا يرى علمه.

وأيضًا فهم يتبعون المتشابه أي يتحرَّونه، كما في الحديث المتفق عليه (٢) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لعائشة: "إذا رأيتِ الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمَّى الله فاحذرِيْهم". وهذا صَبِيغ بن عِسْل الذي ضربه عمر ونفاه وأمر بهَجْرِه حتى مات بعد حول (٣). وقد رُوي أنه سأل عن


(١) هنا كلمات مطموسة.
(٢) البخاري (٤٥٤٧) ومسلم (٢٦٦٥).
(٣) أخرجه الدارمي في سننه (١/ ٥٤، ٥٥). وانظر: الإصابة (٥/ ٣٠٦ ــ ٣٠٨) طبعة التركي.