للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا بمعنى واحد، كما قال: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} [البقرة: ١٤٨] أي يستقبلها. ويقال: أيَّ وجهٍ تريد؟ أي أيَّ ناحيةٍ تُريد. فقوله: أينما تولوا، أي أينما تتولَّوا أي تتوجَّهوا وتستقبلوا فثمَّ جهةُ الله أي قبلةُ الله. وهذا ظاهر الكلام الذي يدلُّ عليه سياقُه، وقد يَغلَط بعضُ الناس فيُدخِل في الصفات ما ليس منها، كما يَغلَط بعضُ الناس فيجعلُ من التأويل المخالف للظاهر ما هو ظاهر اللفظ، كما في هذه الآية ونحوها. ومثل ذلك قوله: «الحجر الأسود يمينُ الله في الأرض، فمن صافحه واستلمه فكأنما صافحَ الله وقبَّل يمينَه» (١).

فقال لي بعض الحاضرين: فقد روي عن مالك أنه قال في حديث النزول: ينزل أمره (٢).

فقلت: هذا رواه حبيب كاتبه، وهو كذاب (٣).


(١) أخرجه ابن عدي في الكامل (١/ ٣٤٢) والخطيب في تاريخ بغداد (٦/ ٣٢٨) ومن طريقهما ابن الجوزي في العلل المتناهية (٢/ ٨٥) عن جابر بن عبد الله مرفوعًا. وفي إسناده إسحاق بن بشر الكاهلي، كذَّبه أبو بكر بن أبي شيبة وغيره، وقال الدارقطني: هو في عداد من يضع الحديث. وروي موقوفًا على ابن عباس، أخرجه الأزرقي في تاريخ مكة (١/ ٢٢٨) والجندي كما عزاه إليه السيوطي في الدر المنثور (١/ ٦٩٤). وتكلم عليه المؤلف في مجموع الفتاوى (٦/ ٣٩٧، ٣٩٨).
(٢) انظر: ترتيب المدارك (٢/ ٤٤).
(٣) انظر: ميزان الاعتدال (١/ ٤٥٢) وتهذيب التهذيب (٢/ ١٨١).