صاحبُ المال، فالربحُ لصاحب المال، ولهذا أجرةُ مثلِه، إلاّ أن يكونَ الرِّبْحُ يُحيط بأجرةِ مثلِه فيذهب، قال: وكنتُ أذهبُ إلى أن الربحَ لصاحب المالِ فاستحسنتُ. فهذا استحسان بفرقٍ رآه مؤثراً، والقياسُ مُستنبط، والاستحسانُ مستنبط، وهو تخصيصٌ لعلَّةٍ مستنبطةٍ بفرقٍ مستنبطٍ. وأحمد لا يَرُد مثلَ هذا الاستحسانِ، لكن قد تكون العفَتانِ أو إحداهما فاسدةً، كما لا يَرُدُّ تخصيصَ العلَّةِ المنصوصةِ بفرقٍ منصوصٍ./
والفرق أن المضارب مأمور بالعمل بجُعْلٍ، بل هو شريكٌ في الربح، وعملُه له ولصاحبِ المالِ جميعاً، ولهذا كان للعلماءِ فيما يستحقه في المضاربة الفاسدةِ ونحوِ ذلك قولان: هل يستحقُّ قسطَ مثلِه في الربح، أو أجرة مقدَّرةً تكونُ أجرةَ مثلِه (١)؟ والقول الأول هو الصوابُ قطعاً، وهذا قياسُ مذهب أحمد، فإنّ من أصله أنّ هذه المعاملاتِ مشاركة، لا مؤاجرة بأجرةٍ مَعلومةٍ، والقياس عنده صحتها.
وإنّما يقول أجرة المثل من يجعلها من باب الإجارة. ويَقول: القياس يقتضي فسادَها، والمأجور فيها مأجورٌ للحاجة. وبكلِّ حالٍ
(١) انظر: الأم ٣/ ٢٣٧ والمبسوط ٢٢/ ٤٠ والمغني ٥/ ٦٥ وحاشية ابن عابدين ٤/ ٤٨٦. وانظر آثار الصحابة والتابعين في: مصنف عبد الرزاق ٨/ ٢٥٣ والإشراف لابن المنذر ١/ ١٠٥ والسنن الكبرى للبيهقي ٦/ ١١١. وقد تكلم المؤلف على هذه المسألة في مجموع الفتاوى ٣٠/ ٨٥ - ٨٦، ٩١ و ٢٨/ ٨٤ - ٨٥ بنحو هذا الكلام، وصحح ما صححه هنا.