للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بها إلى الله في حوائجهم، كما أخبر الله عنهم بقوله: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى) (١). ومثلما ينذر الجهَّالُ من المسلمين لعينِ ماءٍ أو بئرٍ من الآبار أو قناةِ ماءٍ أو مغارةٍ أو حجرٍ أو شجرةٍ من الأشجار أو قبرٍ من القبور -وإن كان قبرَ نبي أو رجلٍ صالح-، أو ينذرون زيتًا أو شمعًا أو كسوةً أو ذهبًا أو فضةً لبعضِ هذه الأشياء-: فإن (٢) هذا كلَّه نذر معصيةٍ لا يُوفَى به. لكن من العلماء من يقول: على صاحبه كفارةُ يمين، لما روى أهلُ السنن (٣) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا نذرَ في معصيةٍ، وكفارتُه كفارةُ يمينٍ". وفي الصحيح عنه أنه قال: "كفارة النذرِ كفارةُ يمين" (٤).

وإذا صُرِفَ من ذلك المنذور شيءٌ في قُربةٍ من القُرُباتِ المشروعة كان حسنًا، مثلَ أن يَصرِف الدُّهنَ إلى تنويرِ بيوتِ الله، ويَصرِف المالَ والكسوةَ إلى من يَستحقّه من المسلمين من آل بيتِ رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وسائرِ المؤمنين، وفي سائر المصالحِ التي أمر الله بها ورسولُه.

وإذا اعتقدَ بعضُ الجهَّال أن بعضَ هذه النذور المحرَّمة قد قَضَتْ حاجتَه بجَلْبِ المنفعةِ منِ المال والعافية ونحو ذلك، أو بدَفْع المضرَّة من العدو ونحوه، فقد غَلِط في ذلك، فقد صحَّ عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه نهى عن النذر وقال: "إنه لا يأتي بخيرٍ، ولكنّه يُستَخرجُ به من البخيل" (٥). فعدَّ


(١) سورة الزمر: ٣.
(٢) جواب قوله فيما مضى: "وإذا كان النذر معصيةً ... ".
(٣) أخرجه أبو داود (٣٢٩٠ - ٣٢٩٢) والترمذي (١٥٢٤، ١٥٢٥) والنسائي (٧/ ٢٦، ٢٧) وابن ماجه (٢١٢٥) عن عائشة.
(٤) سبق تخريجه قريبًا.
(٥) أخرجه البخاري (٦٦٠٨، ٦٦٩٢، ٦٦٩٣) ومسلم (١٦٣٩) عن ابن عمر.