للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في العلم. وذلك أنَّ الله يعلم الموجود والمعدومَ والواجب والممكن والممتنع، وقد اتفق العقلاءُ على أن الممتنع ليس بشيء، وإنما نازع بعضُهم في الممكن، فقال فريق من المعتزلة والرافضة: المعدوم الممكن شي ثابت في نفسه خارجًا عن العلم. ثم هؤلاء متفقون على أنه ليس كل ممكنٍ وُجِد.

فهذا أيضًا ينبغي أن نعرفه، فلا فرقَ عند أهل السنة وجماهير الخلق بين الوجود والثبوت، بل المعدوم كما قال الله تعالى: (وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا (٩)) (١)، وقال: (أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧)) (٢). فإذا قال: "إنه معلومٌ لله" فهذا حقٌّ، لا فرق بين أن يقال: هو ثابت في العلم أو موجود في علم الله.

الوجه الثالث

قوله: "فلما تحركت الإرادة الأزلية أن يَعرِضَ نفسَه على الحقائق الكونية المعدومةِ في نفسها المشهودةِ أعيانُها في علمه في تجلِّيه المطلق، نزلتِ الحِلية الإلهية من حقيقةِ كانِه إلى سِرِّ شأنِه، فعند ذلك قارن الألفُ النونَ، فعبّر عنها بـ"أنا"، وعند ذلك ظهرت نقطة سُميتْ عقدة "حقيقة النبوة"، فهو صورة علم الحق بنفسه الواقعة بصورة العمل، المطابقة للصفة المعلومية، فصارت مرآةً


(١) سورة مريم: ٩.
(٢) سورة مريم: ٦٧.