للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا (٢٩)) (١). ونظائر هذا كثير.

فمن عَدَل عن سبيل المرسلين، فلم يتُابِعْهم ويُطِعْ أمرَهم ونهيَهم قَطَعَ ما بينَه وبينَ الله، فصارَ مشركًا بالله يدعو غيرَ الله، إمّا الملائكة وإمّا الكواكب وإمّا الجنّ، وإمّا البشر كالأنبياء والصالحين، وإما صُوَرَ هؤلاء وتماثيلهم، وإمّا ما يظنُّه موجودًا من هؤلاء. ويتخيلُ في هؤلاء من صفات الإلهية ما لا حقيقةَ له، ويثبت الوسائطَ في خلق الله وربوبيته، ويَجعلُ له شُرَكاءَ وشُفَعاءَ بغير إذنه، وهو سبحانه كما قال: (ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (٢)،/وقال تعالى: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِير (٢٢) وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ (٣).

والناس في الشفاعة على طرفين ووسط (٤):

فالمشركون والنصارى ونحوهم أثبتوا شُفَعَاءَ لهم بدون إذنِه، وهذه الشفاعة التي نفاها الله في كتابه، فقال تعالى: (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (٤٣) قُلْ لِلَّهِ


(١) سورة الفرقان: ٢٧ - ٢٩.
(٢) سورة البقرة: ٢٥٥.
(٣) سورة سبا: ٢٢ - ٢٣.
(٤) انظر كلام المؤلف في "مجموع الفتاوى" (١/ ١٤٨ - ١٥١، ١١٦ - ١٢٠، ٣١٣ - ٣١٤).