للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمستقيم ضدّ المعوجّ المنحرف، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (١): "ما من قلب من قلوب العباد إلاّ وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أن يُقيمَه أقامَه، وإن شاءَ أن يُزيغَه أزاغَه". (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) (٢)، وقال: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) (٣).

ومنه تقويم السَّهم والصفّ، وهو تعديله، وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: "أقيموا صفوفكم، فإنّ تسويةَ الصفّ من تمامِ الصلاة" (٤). وكان يُقوِّمُ الصَّفَّ كما يُقوَّم القِدْحُ (٥).

ومنه الصراط المستقيم والاستقامة، وهذا من هذا، كما قال تعالى: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (٦) من طريقة أهل التوراة.

وما يَهدِي إليه القرآن أقومُ مما يهدي إليه الكتاب الذي [قبلَه]، وإن كان ذلك يَهدي إلى الصراطِ المستقيمِ، لكن القرآن يَهدي للتي هي أقوم. ولهذا ذكر هذا بعد قوله: (وَآَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ) (٧)، ثم قال: (إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ).


(١) أخرجه أحمد (٤/ ١٨٢) وابن ماجه (١٩٩) عن النواس بن سمعان.، وله شاهد من حديث أم سلمة أخرجه الترمذي (٣٥٢٢) وقال: حديث حسن.
(٢) سورة آل عمران: ٨.
(٣) سورة الصف: ٥.
(٤) أخرجه البخاري (٧٢٣) ومسلم (٤٣٣) عن أنس بن مالك.
(٥) كما في حديث النعمان بن بشير الذي أخرجه مسلم (٤٣٦).
(٦) سورة الإسراء: ٩.
(٧) سورة الإسراء: ٢.