للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هم أفضل القرون، وفاضلهم هو أفضل الأمة، كما ثبت في الصحاح أنه قال: "خير القرون الذي بُعِثْتُ فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" (١).

ولا ينازع في هذا الأصل إلا أهل البدع المضلَّة.

فمن ظنّ أن مَنْ بعد الصحابة من يكون أكمل في علمٍ، أو دين، أو خُلُق، مِنْ أكمل الصحابة في ذلك، فقد غلط وضلّ، بل هم فوق مَن بعدهم في كلِّ الفضائل الدينية.

وإن كان قد يكون لمن بعدهم مِنَ الخصائص والفضائل ما ليس لبعضهم، فلا يكون مَن بعدهم أفضل من فاضلهم بلا ريب.

وإذا كان كذلك، فمن المعلوم أن الأحوال الدينية المتضمِّنة لغيب العقل، وعزوف (٢) العلم، لم يكن في الأحوال الدينية التي كانت للصحابة، فلم يكن فيهم مَن مات عن وجدٍ أو سماع.

ولا كان فيهم مَن صَعِق وغُشِي عليه.

ولا كان فيهم مَنْ فني عن معرفة الأشياء وشهودها.

ولا كان فيهم من اصطلم بحيث لا يشهد بقلبه شيئًا من الكائنات أو المخلوقات.


(١) أخرجه البخاري (٢٦٥٢)، ومسلم (٢٥٣٣) بلفظ: "خير الناس ... " من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه. وتقدم.
(٢) كذا. ولعله: "وعزوب".