وذلك أنَّ الله أمرَ بالمحافظة على الصلاة، والمحافظة عليها فِعلُها في أول وقتها. والوقتُ وقتانِ: وقت يتقدَّرُ بالزمان، فلا يجوز تأخُّرُها عنه بحالٍ، والوقت الثاني يتقدَّرُ بالفعل، وذلك نوعانِ: أحدهما أنه إذا أُقيمتِ الصلاةُ فلا صلاةَ إلا التي أقِيمتْ، لأن الإقامة مختصَّة بها بعينها، فصار ذلك الوقتُ وقتَها المقدر لا يَسَعُ لغيرها، فلا يُفعَلُ فيه غيرُها لا تطوُّعٌ ولا غيرُه. ولهذا تنازع العلماءُ فيما إذا ذكرَ العبدُ فائتةً بعد أن أقيمت الحاضرةُ، لأنَّ كلاهما واجبٌ، وقد ضاق الوقت عنهما، وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن نامَ عن صلاةٍ أو نَسِيَها فليُصلها إذا ذكر، فإن ذلك وقتُها، لا وقتَ لها إلا ذلك"(١). فأوجبَ فِعْلَها وقضاءَها على الفور، وهذا مما يُحتجُّ به على الترتيب في قضاء الفوائت، كما هو مذهبُ أكثرِ الفقهاء في الفوائت القليلة، ومذهبُ بعضهم في الفوائت القليلة والكثيرة. كما إذا ذكرها بعد ضِيق الوقتِ المقدَّر بالزمن، هل يُقدم الفائتةَ لتقدُّمِ وجوبها، أو يُقدمُ الحاضرةَ خوفَ فواتِها وخروجها عن وقتها فتصير فائتتين، أو يُصلي الحاضرةَ مرتين، فيفعلُها مرةً لأنه وقتها، ثمَّ يُصليها بعد أن يُصلِّيَ الفائتة لأجلِ مراعاةِ الترتيب؟ على ثلاثة أقوال في مذهب أحمد وغيره. وقد رأى أبو هريرة رجلاً خرجَ من المسجد بعد النداء فقال: "أما هذا فقد عَصَى أبا