للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ}، إن أُجرِيَ على هذا كان المعنى أنهم قد تدبروا القول فوجدوه حقًّا، وإلا كان هذا استفهام إنكار بمعنى الأمر والتحضيض، كقوله: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ}، وهذا أشبه بالمعنى. لكن (١)

ثم القول الذي أمر بتدبره وأمر باستماعه هو القرآن، فانحرف قوم من المتكلمة فيما يتدبرونه إلى أقوال محدثة، وانحرف قومٌ من المتعبدة فيما يستمعونه متبعين له إلى سماع أقوال محدثة، وجعل بعضهم قوله تعالى: {يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ} عامًّا لكل قول من الآيات والأبيات، فاستمعوا هذين، وربما رجَّحوا سماع الأبيات ترجيحًا حاليًّا أو اعتقاديًا أيضًا، كما أن الأولين يتدبرون وينظرون نظر انتفاع في الأقوال المشروعة والأقوال غير المشروعة، وربما رجحوا أقوال المتكلمين على قول الله ورسوله اعتقادًا أو حالًا.

والقرآن مملوءٌ من الأمر بتدبر القرآن والتفكر فيه والتذكر له وعقله، ومن الأمر باستماعه وتلاوته والبكاء والوجل واقشعرار الجلد منه. وقد وصف سماع الأنبياء وأهل العلم وأهل المعرفة وعموم المؤمنين أنه سماع آيات الله، فقال تعالى لما ذكر الأنبياء عيسى ويحيى وإبراهيم وبنيه وموسى وهارون وإسماعيل وإدريس فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ


(١) بعده في الأصل بياض سطرين.