فمعلومٌ أن الأول هو الوعيد، وهو مستلزمٌ للوعد الصَّريح (١) أو اللازم وهو التبشير. والثاني هو الأمر والنهي؛ لأن النجاة من العذاب بأداء الواجبات وترك المحرمات.
فصارت هذه الأصول الأربعة: الأمر، والنهي، والوعد، والوعيد، لازمةً لا بدَّ منها في الإنذار الذي لا بدَّ منه لبني آدم، وبذلك بعث الله الرسل جميعهم.
ولكن الأمر والنهي لا بدَّ للناس من معرفته مفصَّلًا؛ إذ قد يَحْتَاجُ إلى العمل، والعمل لا يكون إلا مفصَّلًا، لكن إنما يَحْتَاجُ إلى معرفة التفصيل فيما يجبُ عليه، وأما ما يجبُ مطلقًا فيكفي فيه العلمُ المجمل.
ولكن لا بدَّ أن يكون في الأمَّة من يدعو إلى الخير، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كما أوجب الله ذلك، وهذا لا يكونُ إلا إذا علموا ما يدعون إليه ويأمرون به وينهون عنه مفصَّلًا؛ إذ المجملُ لا يكفي عند الحاجة إلى الامتثال.
ولهذا اتفق العلماء على أنه لا يجوز تأخيرُ البيان عن وقت الحاجة،
(١) الأصل: "للوعد والوعيد الصريح". وزيادة "الوعيد" من سهو الناسخ.