وهي المستلزِمةُ لمعلولها، فهذه متى انتقضتْ بَطَلَتْ بالاتفاق. وتُقالُ على العلّة المقتضية أوّلاً، وتُسمَّى المؤثّرة ويُسمَّى السببُ دالاً ودليلَ العلَّة ونحو ذلك. فهذه إذا انتقضَتْ لفرقٍ مؤثرٍ يفرّق فيه بين صورةِ النَّقْضِ وغيرِها من الصُّوَرِ لم تَفْسُدْ. ثم إذا كانتْ صورةُ الفرعِ التي هي صورةُ النِّزاع في معنى صورةِ النَّقْضِ أُلحِقتْ بها، وإن كانتْ في معنى صورةِ الأصَلِ أُلحِقت بها.
فمن قال: إن العلَّة لا يجوزُ تخصيصُها مطلقاً لا لفواتِ شرطٍ ولا لوجودِ مانع فهذا مخطئ قطعاً، وقولُه مخالفٌ لإجماع السلفِ كلِّهم الأئمةِ الأربعةِ وغيرِهم، فإنهم كلّهم يقولون بتخصيص العلة لمعنًى يُوجبُ الفرقَ، وكلامُهم في ذلك أكثرُ من أن يُحْصَرَ. وهذا معنى قولَ من قال: تخصيصها مذهب الأئمة الأربعة.
والقول بالاستحسان المخالفِ للقياسِ لا يمكنُ إلاّ مع القول
بتخصيصِ العلَّةِ. وما ذكروه من اعتراضِ النصِّ على قياسِ الأصولِ فهو أحد أنواع تخصيصِ العلَّةِ، وهذا تسليم منهم لكونِ العلَّة تَقْبَلُ التخصيصَ فيَ الجملة. وأما من جَوز تخصيصَ العلة بمجرّدِ دليل لا يُبيِّنُ الفرقَ بين صورةِ التخصيص وغيرِها فهذا مَوْرِدُ النزاعِ في
= بالفرق. وإن كان التخلف عنها لا لفوات شرط ولاوجود مانع كان ذلك دليلاً على أنها ليست بعلة، إذ هي بهذا التقدير علة تامة إذا قدر أنها جميعها بشروطها وعدم موانعها موجودة حكما، والعلة التامة يمتنع تخلف الحكم عنها، فتخلفه يدل على أنها ليست علة تامة". ونحوه في مجموع الفتاوى ٢١/ ٣٥٦ - ٣٥٧.