للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه (ما ءامن معه إلا قليل (٤٠)) (١)، وأنَّ الله أغرقَ أهلَ الأرضِ إلاّ من كان معه في السفينةِ.

وقد كانت الشام قبلَ أن يخرج إليها موسى وبنو إسرائيلَ يَغلِبُ على أهلِها الكفرُ، فأورثها الله لبني إسرائيلَ، فصارَ فيها من الأنبياء والصالحين ما لم يكن فيها نَظِيرُه قبلَ ذلكَ.

ولمَّا بعث اللهُ محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آمن به طائفة قليلة، فكان أولَ من آمن به أبو بكرٍ وعليٌّ وزيدٌ وخديجةُ، وآمنَ على يَدَيْ أبي بكرٍ عثمانُ وطلحةُ والزبيرُ وسعد وعبد الرحمن، ثمَّ تَزايدَ أهلُ الإيمانِ حتًى بلغوا أربعين، فلم يكنْ بمكةَ قبلَ ذلك أربعونَ مؤمنًا، بل ولا عَشَرة مؤمنونَ، بل ولا أربعةٌ. ثم إنّ الإيمانَ زادَ، وهاجرَ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى المدينة، وكَثُر السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، الذين اتبعوهم بإحسان، الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وكل هؤلاء من سادات أولياء الله المتقين، فبايَعهُ تحتَ الشجرة أكثرُ من ألفٍ وأربع مائة قد رضي الله عنهم، وكلهم من أهل الجنة، قال الله فيهم: (لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) (٢).

وفي الصحيح (٣) أنه قال لخالد بن الوليد لمَّا (٤) سَابَّ


(١) سورة هود: ٤٠.
(٢) سورة الحديد: ١٠.
(٣) البخاري (٣٦٧٣) ومسلم (٢٥٤١).
(٤) "لما" مشطوب عليها في الأصل سهوًا.