للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك قوله: {أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى} [النجم: ١٢]، {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} ولو كان رآه بعينه لكان ذِكْر ذلك أولى.

وفي "الصحيحين" (١) عن ابن عباس في قوله: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [الإسراء: ٦٠] قال: هي رُؤيا عينٍ أُرِيَها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أُسريَ به.

وهذه رؤيا الآيات؛ لأنه أخبر الناسَ بما رآه بعينه ليلة المعراج، فكان ذلك فتنة لهم حيث صدَّقه قومٌ وكذَّبه قوم، ولم يخبرهم بأنه رأى ربَّه بعينه، وليس في شيء من أحاديث المعراج الثابتة ذِكْر ذلك، ولو كان قد وقع ذلك لذَكَره كما ذَكَر ما هو دونه.

وقد ثبت بالنصوص الصحيحة واتفاق سلف الأمة: أنه لا يرى الله أحدٌ في الدنيا بعينه (٢)، إلا ما نازع فيه بعضُهم من رؤية نبينا - صلى الله عليه وسلم - خاصة. واتفقوا على أنَّ المؤمنين يرون الله يوم القيامة عيانًا كما يرون الشمس والقمر.

* واللعنة تجوز مطلقًا لمن لعنه الله ورسوله، وأما لعنة المُعَيَّن فإن


(١) كذا في الأصل و (ف) ولم أجده إلا في البخاري (٣٨٨٨). وعزاه المصنف للصحيح في "جامع المسائل": (١/ ٢١٣).
(٢) "بعينه" كانت في الأصل مقدمة على "في الدنيا"، وعليها علامة (مـ) إشارة إلى تقديمها. وانظر ما سيأتي (ص ٣١٢) في الدليل على ذلك، ونقل الإجماع.