للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ (٢٢١) تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ} [الشعراء: ٢٢١ - ٢٢٢].

ولهذا لا يوجد من هؤلاء إلا من هو خارجٌ عن الكتاب والسنة، وإذا صدقَ مرةً في مكاشفته فلا بدَّ أن يكذب مرةً أخرى، وإن لم يتعمد هو الكذب لكن شيطانه الذي يُلقي في قلبه ما يُلقي وهو يكذب، كما كان يجري لمثل عبد الله بن صيَّاد الذي ظنَّ بعضُ الصحابة أنه الدجّال ولم يكن هو الدجال، ولكن كان من جنس الكهان، ولهذا لما خَبأ له النبي - صلى الله عليه وسلم - سورةَ الدخان قال: «قد خَبأتُ لك خَبِيئًا»، فقال: الدُّخ الدُّخ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اخْسَأْ فلن تَعْدُوَ قَدْرَك» (١). يريد: أنك من جنس الكهان الذي يقترن بأحدهم شيطان. وقال: «ما تَرى؟» قال: أرى عرشًا على الماء، وذلك عرش الشيطان. وقال له: «ما يأتيك؟» قال: يأتيني صادقٌ وكاذبٌ.

وهؤلاء الذين يقترن بهم الجنُّ في غير ما أمر الله به ورسوله ثلاثة أصنافٍ بحسب قُرَنائهم من الجنّ:

فمنهم: من هو كافرٌ وشيطانُه كافر، كاليونسية الذين يُنشِدون الكفريات، كقولهم (٢):

تعالَوا نُخرِبِ الجامِعْ ... ونَجعلْ فيه خمَّارَهْ


(١) أخرجه البخاري (١٣٥٤) ومسلم (٢٩٣٠) عن ابن عمر.
(٢) هذه الأبيات كان ينشدها الطائفة اليونسية، وذكرها المؤلف في مجموع الفتاوى (٢/ ١٠٧) باختلاف، وطبعتْ بصورة نثر.