للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يأتيه من بيته فيمن سَافر إليه، وكذلك للرجل أن يقصدَ مسجدَ مدينتِه وقريتِه، وليس له أن يُسافرَ إلى مسجد مدينةٍ أو قريةٍ غيرِ المساجد الثلاثة، بالاتفاق.

فهكذا يَزور القبورَ الزيارةَ الشرعيةَ، فيسلِّم على الميت، ويَدعو له، إذا كان قريبًا من مدينةٍ هو فيها، أو اجتازَ به، ونحو ذلك، فأما السفر لأجل ذلك فليس بمشروع. وإنما عَظُمَتْ هذه البدعُ من أهل الأهواء الذين عَطَّلُوا المساجدَ عًن الجمعات والجماعات، وابتدعوا الإشراك الذي يَفعلونَه عند المشاهد، حتى صَنَّفُوا كتبًا فيها مناسك حج المشاهد. والله تعالى في كتابه إنما أمرَنا بالعبادة في المساجد لا في المشاهد، فقال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا) (١)، ولم يقل: مشاهد الله، وقال تعالى: (وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ) (٢)، ولم يقل: في المشاهد، وقال تعالى: (قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) (٣)، ولم يقل: كل مشهد، وقال تعالى: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ) إلى قوله: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ) (٤)، ولم يقل: يعمر مشاهد الله، وقال تعالى: (أَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (١٨)) (٥)، ولم يقل: وأن المشاهد لله.


(١) سورة البقرة: ١١٤.
(٢) سورة البقرة: ١٨٧.
(٣) سورة الاْعراف: ٢٩.
(٤) سورة التوبة: ١٧ - ١٨.
(٥) سورة الجن: ١٨.