للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ممن رَدَّ بدعةً ببدعةٍ، وقابلوا الفاسدَ بالفاسدِ، فإنهم أنكروا حكمةَ الله تعالى في خلقه وأمره، وأنكروا رحمتَه في خلقه وأمره.

وأصلُ قَولهم هو قولُ جهم بن صفوان ومن وافقه على قوله في القدر، كما قد بُسِط الكلام عليهم في غير هذا الموضع (١)، فإنّ القدريةَ من المعتزلة ونحوهم والجهمية الجبرية تناقضوا في هذا الباب تناقضًا بيِّنًا، والسنّة وَسَط، ليست مع هؤلاء ولا مع هؤلاء.

وهؤلاء صاروا في القياس نوعين:

قوم (٢) اقروا به، كالأشعري وأتباعه ومن وافقهم من الفقهاء، وقالوا: إن عِلَلَ الشرع إنما هي مجرد (٣) أماراتٍ محضة وعلاماتٍ، كما قالوا ذلك في سائَر الأسباب، فقالوا: إنّ الدعاء إنما هو علامة محضة، والأعمال الصالحة إنما هي علامات، وكذلك سائر ما وجدوه من (٤) الخلق والأمر مقترنًا بعضُه ببعضٍ، قالوا: أحدهما دليل على الآخر لمجرد الاقترانِ والعادةِ الموجودةِ في خَلْقِه وأمرِه، لا (٥) لأنّ أحدهما سبب للآخر، ولا علة له ولا حكمة، ولا له فيه تأثير بوجهٍ من الوجوه (٦).


(١) انظر "مجموع الفتاوى" (٨/ ٤٦٦ وما بعدها، ١٦/ ١٣٠ - ١٣٣).
(٢) س: "قوما".
(٣) س: "مجردات".
(٤) في النسختين: "في"، والتصويب من إعلام الموقعين (١/ ٣٣٦).
(٥) "لا" ساقطة من س.
(٦) انظر "مجموع الفتاوى" (٨/ ٤٨٥ - ٤٨٦).