للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن أهل العلم والكلام الناصرين للسنة من يقول في هذا الحديث ونحوه: إنه مصروفٌ عن ظاهره، كما ذكره عبد العزيز المكي في «الرد على الجهمية الزنادقة» (١).

قال عبد العزيز: باب الأحاديث التي نزعوها من القرآن وجهلوا معناها. فمن ذلك ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مما حُمِل على أليق المعاني به، ولم يُحْمَل على ظاهره: قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» (٢)، قال: فلم يُحْمَل على ظاهره؛ لأن العرب تَعْقل أنَّ الفراشَ لا ولد له ولا والد، لكن المعنى فيه عندنا (٣): أن الولد لصاحب الفراش، لا يشكّ فيه أحدٌ.

ومثله ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «يقول الله تعالى: لو أتاني عبدي بقراب الأرض خطيئة أتيته بقرابها ــ أي ملئها ــ مغفرة ما لم يشرك بي شيئًا، ومن دنى منِّي شبرًا دنوت منه ذراعًا، ومن دنا مني ذراعًا دنوت منها باعًا، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة» (٤). فعقلوا ما خاطبهم به النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنّ العبد لا يمشي إلى ربّه، وربّه لا يهرول إليه، وإنما أريد بذلك:


(١) وهذا الكتاب نقل منه شيخ الإسلام فصولاً طويلة في كتبه، انظر «بيان تلبيس الجهمية»: (١/ ٣٠ ــ ٣٥)، و «درء التعارض»: (٦/ ١١٥ ــ ١١٩). وهو غير كتابه الآخر «الحيدة». وانظر «موارد شيخ الإسلام العقدية» (ص ٤٣) للبراك.
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٤٩)، ومسلم (١٤٥٧) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٣) الأصل: «عندها».
(٤) تقدم تخريجه.