للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعتزلة ونحوهم ممن يخالفُ السُّنَّة، لا الكلام الذي تُنْصَرُ به السُّنَّة. وهذه طريقة البيهقي (١).

أو قالوا: الكلام يُنهى عنه في غير وقت الحاجة، ومع من يُفْسِدُه الكلام، ويؤمر به وقت الحاجة، ومع من ينفعُه الكلام. وهذه الطريقة قد يشير إليها ابن بطه (٢)، والقاضي (٣)، والغزالي (٤)، وآخرون.

فصل

والتحقيق أن الذي نهى عنه السَّلف هو الكلام المبتدَع الذي لم يَشْرَعه الله ولا رسوله، كما قد قرَّرتُ في "قاعدة السُّنَّة والبدعة" أن البدعة هي ما لم يُشْرَع من الدين (٥).

وغلبةُ اسم "الكلام" على الكلام المبتدَع كغلبة اسم "السَّماع" على السَّماع المبتدَع؛ فإن ناسًا لما أحدثوا سماع القصائد والتَّغبير، لتحريك قلوبهم وصلاحها، وإثارة مقاصدها ومَواجِدها، وأحدثَ آخرون كلامًا ونظرًا، لعِلْم قلوبهم، وصلاح عقائدهم، وتحقيق مقالهم = كان هؤلاء فيما


(١) انظر: "مناقب الشافعي" للبيهقي (١/ ٤٥٤، ٤٥٨، ٤٦٠، ٤٦٣، ٤٦٧)، و"النبوات" (٦١٥)، و"درء التعارض" (٧/ ٢٤٣، ٢٤٩، ٢٥١، ٢٧٣).
(٢) انظر: "الإبانة" (٢/ ٥٤٢).
(٣) القاضي أبو يعلى. انظر: "النبوات" (٢٥٩)، و"مجموع الفتاوى" (٥/ ٥٤٣).
(٤) انظر: "إحياء علوم الدين" (١/ ٩٦)، و"درء التعارض" (٧/ ١٥٦ - ١٧٧).
(٥) انظر: "الاستقامة" (١/ ١٣، ٤٢)، و"الفتاوى" (٢٣/ ١٣٣، ٣١/ ٣٦)، والمصادر المحال إليها قريبًا عند ذكر هذه القاعدة.