للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتسليطُه يكون بسبب ذنوبك وخوفك منه، فإذا خفتَ الله وتُبتَ من ذنوبك واستغفرتَه [لم يسلِّطه عليك]، وقد قال تعالى: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣)) (١). وفي الآثار: "أنا الله مالك الملوك، قلوب الملوك ونواصيهم بيدي، فمن أطاعني جعلتُهم عليه رحمةً، ومن عصاني جعلتُهم عليه نقمةً، فلا تشتغلوا بسبب الملوك، وأطيعوني أعطِفْ قلوبَهم عليكم".

وقد قال لما سلَّط العدوَّ عليهم يوم أحد: (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٦٥)) (٢)، وقال تعالى: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (١٤٧) فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (١٤٨)) (٣). والأكثرون يقرأون "قَاتَل معه ربيون كثير"، والربّيون الكثير عند جماهير السلف والخلف هم الجماعات الكثيرة (٤). قال ابن مسعود وابن عباس- في روايةٍ عنه- والفراء (٥): ألوف كثيرة" وقال ابن عباس -في رواية أخرى- ومجاهد وعكرمة والضحاك وقتادة والسدّي والربيع وابن قتيبة (٦): جماعات كثيرة. وقُرِئ


(١) سورة الأنفال: ٣٣.
(٢) سورة آل عمران: ١٦٥.
(٣) سورة آل عمران: ١٤٦ - ١٤٨.
(٤) انظر تفسير الطبري (٤/ ٧٧) و"زاد المسير" (١/ ٤٧٢).
(٥) معاني القرآن (١/ ٢٣٧).
(٦) تفسير غريب القرآن (ص ١١٣).