للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى هذا الجواب، قال (١) -:

فإن قال: أفترضون بقضاء الله وقدره؟

قيل له: نرضى بقضاء الله الذي هو خلقه، الذي أمرنا أن نريده ونرضاه، ولا نرضى من ذلك ما نهانا أن نرضى به، ولا نتقدم بين يدي الله ولا نعترض على حكمه.

وجواب آخر، وهو أنا نقول: نرضَى بقضاء الله في الجملة على كل حال.

فإن قال: أفترضَون الكفر والمعاصيَ التي هي من قضاء الله؟

قيل له: نحن نطلق الرضا بالقضاء في الجملة، ولا نطلقه على التفصيل لموضع الإبهام، كما يقول المسلمون كافةً: الأشياءُ لله، ولا يقولون في التفصيل: الولد والصاحبة والشريك لله، وكما يقولون: الخلق يَفنَون ويبيدون، ولا يقولون: حجج الله تفنَى وتَبيد، في نظائر لهذا من القول الذي يُطلَق من وجهٍ ويُمنَع من وجهٍ.

ثم يقال لهم: أَوَ ليس قد قَضَى بموتِ النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وعَجْزِ المسلمين عن دفع الكفار، والاستيلاء على ثغورهم وسَبْي نسائهم، وقَضَى إعانةَ الفراعنة والشياطين وسائر الكفار، وبقاءَهم واستظهارهم على المؤمنين؟

فإذا قالوا: أجَلْ.

قيل لهم: أفترضَون بذلك أجمع؟


(١) "التمهيد" للباقلاني (ص ٣٦٨ - ٣٦٩).