للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد كان كثير من السلفِ يُسمِّي من يُسمِّي من هؤلاء الأبدال، وقد قيل في معنى الأبدال (١): إنهم الذين بَدَّلوا السيّئاتِ بالحسنات، كما قال تعالى: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (٢). ولا ريبَ أنّ الصالحين من عباد الله لهم سببٌ في الرزق والنَّصر، كما قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لسعد بن أبي وقَّاص: "يا سعدُ، وهل تنصَرون وتُرْزَقون إلاّ بضعفائكم، بدعائهم وصلاتهم وإخلاصهم" (٣). فهذا ونحوه حق جاء به الكتابُ والسنّة، ولا وُصولَ للخلقِ إلى رضوان الله وكرامته إلاّ بالإيمان برسُلِه وطاعتهم، فهم الوسائط والسُّفَراء بين الله وبين خلقِه، والأنبياء صلوات الله عليهم وسلَامُه أفضلُ الخلق، فمن ظَنَّ أنه يصل إلى رضوانِ الله وكرامتِه بدون اتباع محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو لأحدٍ من الخلق طريقٌ إلى رضوان الله وكرامته غير اتباع محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فهو كافر مُلحِد. ومن ادَّعَى أنّ أحدًا من أولياء الله الذَين بلغتْهم رسالةُ محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصِل إلى رضوانِ الله وكرامتِه بغير كتاب الله وسنَّةِ رسوله محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فهو ملحدٌ ضالٌّ مُفتر، يُستتاب فإن تاب وإلاّ قُتِل كافرًا. بل محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رسولُ الله إلى جميع الخلق الثّقلينِ إنسِهم وجِنِّهم، وهو رسولُ الله إلى جميع الإنس: أسودِهم وأحمرِهم، وعَرَبِهم وعجمِهم.

فأولياء الله المتقون هم العالمون العاملون بما بعثَ الله به محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ولا يكون لله وليٌّ إلَاّ من يَتّبع محمدًا، ومن لم يَتَّبع محمدًا فهو


(١) انظر لمعنى الأبدال: "فتوى في الغوث" للمؤلف.
(٢) سورة الفرقان: ٧٠.
(٣) أخرجه البخاري (٢٨٩٦) والنسائي (٦/ ٤٥) عن مصعب بن سعد، ورواه أحمد (١/ ١٧٣) من طريق مكحول عن سعد نحوه.