للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى جميع الثقلين، محمدٍ عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا.

أما بعد، فقد صَدَق الله وعدَه، ونَصَر عبدَه، وأعَزَّ جندَه، وهَزَم الأحزابَ وحده، وحَقَّق من قوله: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [الفتح: ٢٨] ما أقرَّ به عيونَ المؤمنين، وأعَزَّ به دينَه الذي هو خيرُ دين، وأذلَّ به الكفَّار والمنافقين، ونصَرَ به عباده المعتصمين بحبله المتين على المارقين من دينه، الخارجين عن شريعته وسبيله، المُنْسَلِخين من سنَّة رسوله، المفارقين للسنة والجماعة، المُعتاضِين بشَتَات الجاهلية عن عصمة الطاعة، المستبدِلين قتالَ أهل الإسلام بقتال الكفَّار، المُوَالِين على معاداة أهل الإسلام للفَرَنْج والتَّتار، المُقَدِّمين للذين كفروا وأهل الكتاب، على خواصِّ أمة محمدٍ المتَّبعين لما جاء به من السُّنَّة والكتاب، المكفِّرين لجمهور المسلمين كفرًا أغلظَ من كفر سائر الكفَّار (١)، المُنَجِّسين لهم ولما عندهم من المائعات التي لامَسَتْها الأبشار، المرجِّحين لشِعْر أهل الإفك والبهتان، على أحاديث الرسول التي اتفق على قبولها أهلُ العِرفان، المستحلِّين لدماء المسلمين وأموالهم (٢)،

المتعبِّدين بقتلهم وقتالهم، المكذِّبين بحقائق أسماء الله وصفاتِه، المنكِرين أن يراه المؤمنون بأبصارهم في جنَّاتِه، المكذِّبين بحقيقة كلماته وآياتِه، المشبِّهين له بالمعدوم والمَوَات، في أنه لم يتكلَّم بكلامٍ قائمٍ به وإنما خَلَقَه في المصنوعات، الجاحدِين لأن يكون الله فوق السماوات، المنكرِين لقضائه وقدَره في بلادِه،


(١) انظر: "العقود الدرية" (٢٣٧، ٢٣٨).
(٢) انظر: "العقود الدرية" (٢٣٢، ٢٣٧، ٢٣٨) ..