للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووراء ما يعلمُه هؤلاء ويقولونه ما أنار الله (١) به قلوبَ أوليائه، وقذفه في أفئدة أصفيائه، ممَّن استمسك فيما يَظْهَر من الكلام بسبيل أهل الآثار، واعتصم فيما يَبْطُن من الأفهام بحبل أهل الأبصار.

وفي هذا المقام يعرفُ أولو الألباب سرَّ قوله عز وجل: "سبقت رحمتي غضبي" (٢)، وقوله: "والشرُّ ليس إليك" (٣)، وقوله: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: ٢٦]، وقوله: {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} [الفلق: ٢]، وقوله: {وَإِذَا مَرِضْتُ} [الشعراء: ٨٠]، و {أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا} [الجن: ١٠]، وما شاكل ذلك = من أن الشرَّ إما أن يُحْذَف فاعلُه، أو يضافَ إلى الأسباب، أو يندرج في العموم. وأما إفرادُه بالذكر، مضافًا إلى خالق كلِّ شيء، فلا يقعُ في (٤) كلامِ حكيم؛ لما توجبُه الحقيقةُ المقتضيةُ للأدب المؤسَّس [على الدِّين] (٥)، لا لمحض الأدب العريِّ عن أصلٍ متين (٦).

وهنا يُعرَف سبب دخول خلقٍ كثيرٍ الجنةَ بلا عمل، وإنشاء خلقٍ لها، وأن النار لا تُدْخَلُ إلا بعمل، ولا يدخلُها إلا أهلُ الدنيا (٧).


(١) (ف): "ويقولون: مما أنار". وهو خطأ.
(٢) أخرجه البخاري (٧٤٢٢)، ومسلم (٢٧٥١) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٣) أخرجه مسلم (٧٧١) من حديث علي - رضي الله عنه -.
(٤) (ف): "فلا يقتضيه". تحريف.
(٥) زيادة يقتضيها السياق والسجع، ليست في الأصل و (ف)، وأرجو أن تكون صوابًا.
(٦) (ف): "لا لمحض متميز". وهو محض تحريف.
(٧) انظر: "مجموع الفتاوى" (١٦/ ٤٧)، و"جامع المسائل" (٣/ ٢٣٩)، و"أحكام أهل الذمة" (١١٠٤).