للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكثير مما يَدعونه في الناسخ لا يعلمون أنه قيل بعد المنسوخ.

فهذا ونحوه من دفع النصوص البينةِ الصريحة بلفظ مجمل أو قياس هو مما كان يُنكِرُه أحمد وغيره.

وكان أحمد يقول: " أكثرُ ما يخطئ الناسُ من جهة التأويلِ والقياسِ" (١). وقال: "ينبغيْ للمتكلِّم في الفقه أن يَجْتَنِبَ هذين الأصلينِ: المجملَ والقياسَ" (٢). ومرادُه أنه لا يُعارِضُ بهما ما ثَبتَ بنص خاص، ولا يَعْمَلُ بمجردِهما قبلَ النظَرِ في النصوص والأدلةِ الخاصةِ المقيّدةِ. والمطلق يدخل في كلامه وكلام غيره من الأئمة كالشافعي وغيره في المجمل، لا يريدون بالمجمل مالا يُفهَم معناه كما يَظنه بعضُ الناس (٣)، ولا مالا يَستقل بالدلالة، فإن هذا لا يجوز الاحتجاج به بحالٍ.


= رجالٍ يشترطون شروطا ليست في كتاب الله، كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط ".
(١) انظر: مجموع الفتاوى ٧/ ٣٩٢ حيث نقل قول الإمام وبيَّن المراد منه.
(٢) قاله الإمام في رواية الميموني، انظر: العدّة ٤/ ١٢٨١ والتمهيد ٣/ ٣٦٨ وشرح الكوكب المنير ٤/ ٢١٦. قال أبو يعلى: هذا محمول على استعمال القياس في معارضة السنة، فإنه لا يجوز.
(٣) قال المؤلف في كتاب الإيمان (ضمن مجموع الفتاوى ٧/ ٣٩١): "لفظ المجمل والمطلق والعام كان في اصطلاح الأئمة- كالشافعي وأحمد وأبي عبيد وإسحاق وغيرهم- سواء، لا يريدون بالمجمل مالا يُفهم منه، كما فسره به بعض المتأخرين وأخطأ في ذلك، بل المجمل مالا يكفي وحده في العمل به وإن كان ظاهره حقا".