للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

وإذا تبيَّن أن الكتاب والميزان مُنْزَلَان، فلا يجوز أن يناقض الكتاب بتناقض الميزان (١)، ولا يتناقض الكتابُ والميزانُ، فلا تَتناقَضُ دلالةُ النصوص الصحيحة لا دلالةُ الأقيسة الصحيحة، ولا دلالةُ النص الصحيح والقياس الصحيح، وإنما يكون التناقضُ بين الحق الصحيح واالباطلِ الذي ليس بصحيح، فأما الصحيح الذي كلُه حقّ فلا يتناقض، بل يُصَدِّقُ بعضُه بعضًا. وقد بسطنا هذا المعنى في مواضع (٢).

والمقصود هنا أن نقول: النصوصُ محيطةٌ بجميع أحكام العبادِ، فقد بيَّن الله تعالى بكتابه وسنة رسوله جميعَ ما أمر الله به وجميعَ ما نهَى عنه، وجميعَ ما أحلَّه وجميعَ ما حرَّمَه، وبهذا أكملَ الدينَ، حيث قال: (اليوم أكملت لكم دينكم) (٣). ولكن قد يَقْصُر فَهْمُ كثيرٍ من الناس عن فَهْمِ ما دلَّت عليه النصوصُ، والناسُ


(١) كذا في النسختين. وفي "إعلام الموقعين" (١/ ٣٣١): "وكما لا يتناقض الكتاب في نفسه، فالميزان الصحيح لا يتناقض في نفسه". وهو أوضح في الدلالة على المقصود.
(٢) أشرتُ إليها في المقدمة ص ٢٣٩.
(٣) سورة المائدة: ٣.