للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإن كان كذلك فيمكن أن يقال: إنّ هذا دخل في مسمَّى الإيمان أيضًا، أو يقال: بر الوالدين إنما يجب على من له والدان، فذكرهما في حديث ابن مسعود؛ لأن ابن مسعود كان له والدة؛ فكان ذلك حُكْم مَن حاله كحاله. وأما حيث لم يذكرهما فذكر ما يعمُّ من الأعمال؛ فيدخل فيه من ليس له أبوان.

ثم الجهاد إذا صار فَرْضَ عين كان أَوْكَد من مُطْلَق بر الوالدين، فيجاهد في هذه الحال بدون إذنهما، وإن كان عليه أن يقوم بما يجب عليه من برهما المُتَعيّن عليه، وإن كان لا يجاهد إذا لم يتعيَّن عليه إلا بإذنهما.

وأما الصلاة فإذا تعارضَت هي والجهاد المتعيّن فإنه يُفعَل كلاهما بحسب الإمكان، كما في حالة الخَوْف الخَفيف والخوف الشَّديد.

قال تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨) فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا) (١). قال تعالى: (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا .. ) إلى قوله: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ


= عن أبي ذر، والبخاري (٦٨٣٠) عن ابن عباس، والبخاري (٦٧٦٨) ومسلم (٦٢) عن أبي هريرة.
(١) سورة البقرة: ٢٣٨ - ٢٣٩.