وهؤلاء الذين تكلموا في هذا من المُتأخرين يجعلون الأقطابَ سبعةً على عددِ الأقاليم، ويجعلونَ الأوتادَ أربعةً كالأوتادِ التي يذكرها المنجّمون، ويجعلون الغوثَ واحدًا مقيمًا بمكةَ، ويجعلون مددَ أهلِ الأرضِ منه، ويقولون: إنه منه يَفِيضُ على أهلِ الأرضِ ما يَنزِلُ عليهم من الهدى والرزق ونحو ذلك، ويقولون: إنه لابُدَّ لكل زمانٍ من ذلك، كما يَقول الرافضة: إنه لابُدَّ لكل زمان من إمام معصوم، وكما يقولُ النصارى: إنه لابُدَّ من الباب الذي به يُحفَظ أهلُ الأرض (١).
فقيل لبعضِ هؤلاء: فإذا كان لابُدَّ كذلك فمَنِ الغَوثُ الذي كان بمكةَ بعد الهجرةِ على عهد رسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وخلفائِه الراشدين، الذي كان هو المُمِدّ لرسولِ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكرٍ وعمرَ وهو أفضلُ منهم؟ فبُهِتَ مدَّعِيْ ذلك.
وقد يقولون مع ذلك بأنّ لكلّ زمانٍ خَضِرًا، ويجعلونَ الخَضِرَ مرتبةً محفوظةً لا شخصا معيَّنا، ويَدَّعونَ أنه يَنزِلُ كلَّ عامٍ على البيت ورقة مكتوبٌ فيها اسمُ غوثِ ذلك العام وخضرِه. ونحو هذه الدعاوي التي يَعلَمُ كلُّ عاقلٍ بطلانَها، وضَلالَ معتقدِها، وكَذِبَ المُخبِرِ بها عمدًا أو خطأ.
ومن هؤلاء من يُعيِّن لكل قريةٍ من القرى واحدًا من هذا العدد
(١) ذكر المؤلف نحوه في "مجموع الفتاوى" (١١/ ٣٦٤، ٤٣٩، ٤٤٢؛ ٢٧/ ٩٦) و"منهاج السنة" (١/ ٩١ - ٩٢)