للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أفهام المستمعين بالإفصاح البليغ يكون قد هُدِي للحق. ولهذا قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعلي بن أبي طالب (١): "يا عليُّ! سَلِ الهدى والسداد، [واذكُر بالهدى] هدايتك الطريق، وبالسداد تسديدك [السهم] " إلى كمال العلم والقصد والقول والعمل. فهذا الدعاء المبين وما وَصَف سبحانه كتابه ورسوله من البيان والتفصيل والهدى والتبليغ والإفتاء والموعظة والشفاء والقصص والشهادة والرحمة، كقوله سبحانه وتعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ ... ) (٢).

ثم إنه سبحانَه دعا إلى التفكر والتذكر والتأ [مّل] والفقه لهذا البيان عبادَه المبلَّغين، وجَعلَ رسولَه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هو [المبيِّن] لما حَصَل مجملاً أو مشكلاً على المكلَّفين، وثبتَ بالأدلة المتعددة ضَبْطُ علماء أصحابه لمعانيه كضَبْطهم لحروفه المنقطعة القرين، وكانوا يُلْقُون ما تَلَقَّوه عن رسولهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى أصحابهم من التابعين من الكتاب ظَهرًا وبطنًا ومن الحكمة صورةً ومعنًى مشتركين دون مختصّين، فيشتركون كلُّهم أو أكثرهم في كثير من ذلك أو أكثر، ويختصُّ بعضهم ببعضِ ذلكَ وكلٌّ على ما يأثِرُه أمين، شائع بينَهم معرفةُ أصول دينهم وعمل ملّتهم جملةً وتفصيلاً ليسوا فيها مختلفين، وإن كان قد يمتاز بعضهم من زيادة العلم ببعضِ ذلك بما ليس عند الباقين، واستفاضتِ النقول عنهم أنهم تعلَّموا من نبيِّهم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جميعَ ما يحتاجون إليه فيصيرون من الكاملين وما يصيرون به من الأكملين.


(١) أخرجه الحاكم في المستدرك (٤/ ٢٦٨). وأصله عند مسلم (٢٧٢٥).
(٢) سورة النحل: ٤٤.