للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بل هذا خيرٌ من أن يُؤمَر كلُّ واحدٍ منهما بإعطاء ما عليه، ثم استيفاء ما له على الآخر، فإن في هذا ضررًا على هذا وعلى هذا [في] مالهما لو كان معهما ما يوفيان، فكيف إذا لم يكن معهما ذلك؟ ينزه الشارع عن تحريمه، فإن الشارع لا يحرم ما ينفع ولا يضر.

والشارع يُحرِّم أشياء لما فيها من المفاسد، فيغلط كثير من الناس فيُدخِلون في لفظِه ما لم يَقصِده، أو يُقوِّلونه أحاديث باطلةً لم يقلْها، مثل نَقْلِ بعضهم أنه نهى عن بيع وشرطٍ (١)، ونَقْل بعضهم أنه نهى عن قفيز الطحان (٢)، ونحو ذلك من الأحاديث الموضوعة. وقد يفهمون من كلامه معنًى عامًّا يحرمون به، فيفضي ذلك إلى تحريم أشياءَ لم يُحرِّمها الله ورسولُه، كما يُفضِي ذلك فيما ذكره من نصوص تحريم الأعيان وتنجيسها.

وهذا قد دخل فيه على الأمة، يحرمون شيئًا من الأعيان والعقود والأعمال لم يحرمها الشارع، وقد ظنَّ كثير من الناس أنه حرَّمها، ثم إما


(١) قال المؤلف في مجموع الفتاوى (٢٩/ ١٣٢): لا يوجد في شيء من دواوين الحديث، وقد أنكره أحمد وغيره من العلماء وذكروا أنه لا يُعرف. ونحوه في مجموع الفتاوى (١٨/ ٦٣) ومنهاج السنة (٧/ ٤٣٠). وانظر: السلسلة الضعيفة (٤٩١).
(٢) أخرجه الدارقطني (٣/ ٤٧) والبيهقي في السنن الكبرى (٥/ ٣٣٩) من حديث أبي سعيد الخدري. قال المؤلف في مجموع الفتاوى (٣٠/ ١١٣): هذا الحديث باطل لا أصل له، وليس هو في شيء من كتب الحديث المعتمدة. ونحوه أيضًا في مجموع الفتاوى (١٨/ ٦٣) وصححه الألباني في إرواء الغليل (٥/ ٢٩٦).