للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "إنه أراد قتلَ صاحبِه". ورُوِيَ: "إنه كان حريصًا على قتلِ صاحبِه" (١). فهذا في مريدٍ إرادةً جازمة لم يمنعه إلا العجزُ، وقد حاولَ أسبابَ القتل. فهو يوافق حديثَ أبي كبشة من وجهٍ.

وأما الإرادة الجازمة من القادر فلا توجد إلا ويُوجَد الفعل، فإنه متى وُجِدت الإرادة التامة والقدرة التامة وجب وجودُ الفعل، فإن ذلك هو سببه التام، فيمتنع عدمُ الفعل بعد وجود سببه التامّ. وحيثُ تعذَّرَ فلخللٍ في القدرة أو في الإرادة.

الوجه الرابع: أن الحسنات يتعدى ثوابُها فاعلَها، وأما السيئة فلا يُعاقَبُ عليها إلا فاعلُها، فإن المؤمن ينفعه الله بصلاة المؤمنين عليه ودعائهم له واستغفارهم، وبما يُفعَل عنه من العبادات المالية كالصدقة والعتق والحج، وكذلك العبادات البدنية عندنا وعند الجمهور، كالصلاة والقراءة والصيام والحج وغير ذلك، كما جاء في ذلك أحاديث معروفة، قطعةٌ منها في الصحيح. وتنفعهم شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكذلك أطفال المؤمنين تبعٌ لآبائهم.

وأما العقاب فقال تعالى: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} [ص: ٨٥]، وقال: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: ٩٠]. وقد قررتُ في غير هذا الموضع أن النار لا يدخلها طفلٌ ولا مجنونٌ إلّا بعد أن يَعصِيَ الله ولو في عَرصاتِ القيامة، كما جاء في


(١) أخرجه البخاري (٣١، ٦٨٧٥، ٧٠٨٣) ومسلم (٢٨٨٨) عن أبي بكرة.