للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن نوع اعتقادٍ ونوع إرادة. وليس المقصود هنا بسط الكلام في هذا، وإنما الغرض ما يأتي بعد.

فصل

المقصود هنا أنّا قد نبّهنا عليه غيرَ مرَّة أن الإسلامَ له ضدّان: الإشراك والاستكبار، لأنه الاستسلام لله وحده كما يترجم فيه شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدًا عبده ورسوله، فمن استسلم لله ولغير الله فقد أشرك بالله وجعَل له عِدْلاً وندًّا وشريكًا، ومن لم يستسلم بحالٍ فقد استكبر كحال فرعون وغيره. ولهذا قال: (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ (١٧)) إلى قوله: (إِنِّي آَتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (١٩)) (١). وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)) (٢).

وكلّ من الشرك والكبر كفرٌ يضادُّ الإيمان والإسلام، كما ثبت في الحديث الصحيح (٣) عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: "لا يدخل النارَ من في قلبه مثقال ذرةٍ من إيمان، ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرةٍ من كِبْر"، فقال رجلٌ: يا رسول الله! إني أحبُّ أن يكون قولي حسنًا وفعلي حسنًا، أذلك من الكبر؟ فقال: "لا، إن الله جميلٌ يحبُّ الجمال، الكِبرُ بَطَرُ الحق وغَمْطُ الناس ". ولهذا قُرِنَ هذا في شعار الإسلام الذي هو


(١) سورة الدخان: ١٧ - ١٩.
(٢) سورة غافر: ٦٠.
(٣) مسلم (٩١) عن ابن مسعود.