يبذلوا ذلك ويتركوا القتال فلهم ذلك، وليس بواجب عليهم، إلاّ أن يكونوا عاجزين عن القتال، فحينئذ يُصالِحونهم بما أمكن، ولا يُقاتِلون قتالاً تذهبُ فيه أنفسُهم وأموالُهم.
وأما الوجوب فلا يجب عليهم الدفعُ عن أموالِهم، بل لهم أن يقاتلوا عنها ولهم أن يبذلوها، لأنّ إعطاء المال لهم جائز، وإمساكه عنهم جائز، والعبد يَفعَلُ أصلحَ الأمرينِ عنده.
وأما الدفعُ عن الحرمة مثل أن يريد الظالمُ أن يَفجُر بامرأةِ الإنسان أو ذاتِ محرمِه أو بنفسِه أو بولدِه ونحو ذلك، فهذا يجب عليه الدفعُ، لأن التمكينَ من فعلِ الفاحشة لا يجوز، كما لا يجوز بذل المال، فيجب عليه أن يدفع ذلك بحسب إمكانه، وإذا لم يندفع إلاّ بالقتال وهو قادرٌ عليه قاتَلَ.
وأما دفعُه عن دمِه فهو جائز أيضًا، لكن في وجوبِه قولانِ للعلماء هما روايتان عن أحمدَ:
أحدهما: لا يجب، لأن ابن آدم المظلوم لما أراد أخوه قَتْلَه لم يَدفعْ عن نفسِه، وقال:(لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (٢٨) إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩)) (١).
وكذلك أمير المؤمنين عثمان لما طلب الخوارجُ قتلَه لم يدفع