للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو لا يتقي في ذلك المال ربَّه ولا يَصِل فيه رَحِمَه، فهذا بأخبثِ المنازل؛ ورجل لم يُؤته الله مالاً ولا علمًا، فيقول: لو أنّ لي مالاً لعمِلتُ مثل عملِ فلان. قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فوِزْرُهما سواءٌ".

فالثوابُ الذي يُكتَب بالنية غير الثواب المستحق بنفس العمل، فقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "صلاةُ القاعد على النصف من صلاةِ القائم، وصلاة المضطجع على النصف من صلاة القاعد" كلامٌ مطلقٌ، وقد عُلِمَ بأدلَّةٍ أخرى أن هذا لا يجوز في الفرض إلا مع العذر، كما قال لعمران بن حُصَين: "صَل قائِمًا، فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْب" (١). وعُلِمَ أن تطوُّع الجالس يجوز مع القدرة بدليل آخر، كما عُلِمَ أن صلاة النافلة في السفر تجوز على الراحلة، لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يصلِّي التطوع على راحلتِه قِبَلَ أيِّ وجهٍ توجَّهتْ، غير أنه لا يُصلِّي عليها المكتوبة، وكان يوترُ عليها.

ونظير هذا قوله: "صلاة الجماعة تَفْضُل على صلاة الرجل وحدَه بخمسٍ وعشرين درجة" (٢)، فإنّ هذا مطلقٌ، لم يدلَّ على صلاة الرجل وحده، [كما] يعلم بدليل آخر، فإذا دلَّ دليلٌ آخر على أن المنفرد لا يُجزِئُه صلاتُه إلا مع العذر، كقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "مَن سَمِعَ النداءَ ثمَّ لم يُجِبْ بغير عذرٍ فلا صلاةَ له" (٣)، ولأن الجماعة إذا كانت واجبةً، فمن تَركَ


(١) أخرجه البخاري (١١١٧) عن عمران.
(٢) أخرجه البخاري (٤٧٧، ٦٤٧) ومسلم (٦٤٩) من حديث أبي هريرة.
وأخرجه البخاري (٦٤٦) من حديث أبي سعيد الخدري.
(٣) أخرجه ابن ماجه (٧٩٣) من حديث ابن عباس.