للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذاً أَبَداً (٢٠)) (١). وقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "العائد في هبته كالعائد في قَيئه" (٢). فهذا ونحوه إنما يُعرَف إذا عاد إلى مثل ما كان عليه أولاً. والمعاد سُمي معادًا لأن الله يعيد الخلق فيه بالنشأة الثانية، كما قال: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) (٣)، وقال: (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ) (٤)، وقال: (كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩)) (٥).

وأيضًا فإنهم يعودون إلى ربهم، كما يقال: إنهم يرجعون إليه ويُردون إليه، كما قد بُسِط هذا في غير هذا الموضع.

وأيضًا فهَبْ أن لفظ العود لا يقتضي ذلك، فلابد من تفسير قوله (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا). وأبو علي لم يذكر معنى الكلام.

وقد قيل فيها قولٌ رابعٌ وخامس على أصلِ من يقول: إنها مصدرية، قال الزجاج (٦): المعنى ثم يعودون إلى إرادة الجماع من أجل ما قالوا.

فجعلَ اللامَ لامَ كَيْ، لم يَجعَلْها مُعديةً ليعودون.

وأضعف منه قول من يقول (٧): هو محمولٌ على التقديم والتأخير، والمعنى: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون، أي يعودون إلى ما كانوا عليه من الجماع، فتحرير رقبة من أجل ما قالوا.


(١) سورة الكهف: ٢٠.
(٢) أخرجه البخاري (٦٩٧٥ ومواضع أخرى) ومسلم (١٦٢٢) من حديث ابن عباس.
(٣) سورة الروم: ٢٧.
(٤) سورة الأنبياء: ١٠٤.
(٥) سورة الأعراف: ٢٩.
(٦) "معاني القرآن" (٥/ ١٣٥).
(٧) هذا منقول عن الأخفش كما في تفسير القرطبي (١٧/ ٢٨٢)، ولم أجده في "معاني القرآن" له.