للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفاسدة. ثم قال: (أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا) (١). وهذا مثل الجهل البسيط.

وأهل الضلال يذكرون المحبة وشراب الحبّ ونحو ذلك، وكثيرًا ما يمثلون ذلك بشراب الخمر دون غيرها من الأشربة، ويذكرون أوعية الخمر كالدَّنّ والكأس ونحو ذلك، ومواضعها كالحان أو دَير الرهبان. والخمر توجب الغيّ، ولمّا عُرِض على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليلةَ المعراج اللبن والخمر أخذ اللبن، فقيل له: "أصبتَ الفطرةَ، لو أخذتَ الخمر لغَوَتْ أمتك" (٢).

وكلما كان القوم أعظم عنتًا وضلالاً مثلوا بما هو أقبح من شرب الخمر، فإن شربها وإن كان قبيحًا فهو في الحاناتِ مواضعِ الفحش أقبح، وفي مواضع الكفر كديور الرهبان أقبح وأقبح. ويذكرون السُّكْر من شراب المحبة، كالسُّكْر الذي يعتري من شرب الخمر، كقول بعضهم (٣):

شَرِبنا على ذِكرِ الحبيبِ مُدَامةً ... سَكِرْنا بها من قبلِ أن يُخلَقَ الكَرْمُ

وهذا الحب والشرب من عبادة الشيطان، لا من عبادة الرحمن. والتشبيهُ بالخمر يبين أن ذلك من عبادة الشيطان الذي قال الله فيه: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن


(١) الآية ٤٠ منها.
(٢) أخرجه البخاري (٣٣٩٤،٣٤٣٧،٤٧٠٩،٥٥٧٦،٥٦٠٣) ومسلم (١٦٨) من حديث أبي هريرة.
(٣) هو ابن الفارض، انظر ديوانه (ص ١٤٠).